Bait alkaseed

أبو البقاء الرُّنديّ.. دمعة على أطلال الأندلس

في زاوية من زوايا الماضي السحيق، حيث تختلط الذكريات بالأحلام، ويمتزج الحنين بصوت الناي الحزين، في زمن كانت فيه الأندلس تودّع مجدها وتئنّ من وطأة السقوط، ويطوي التّاريخُ صفحةَ حضارةٍ حزينةٍ تتهاوى، وُلد صوت شِعري في القرن السابع الهِجري، لشاعر عاصر الفِتن والاضطرابات، وشَهد سقوط مُعظم القواعد الأندلسية في يد الإسبان، فحمل همّ الوطن في قلبه، وسكبه دمعاً رقراقاً في قصائد حزينة. إنه الشاعر أبو البقاء صالح بن يزيد الرُّندي، وإليكم سيرة حياته في حلقة جديدة من بودكاست "بيت القصيد". نص: إيمان العلي. هندسة الصوت: عرفات المنشد.

استمع الآن

إيمان العلي/ بودكاست
إيمان العلي
صحافية سورية ومدققة لغوية، معدة ومقدمة بودكاست "حكواتي، طرائف، مبادرون، بيت القصيد، حياتنا في غزّة" من أسرة بودكاست "العربي الجديد.
07 أكتوبر 2025

ردهة المستمع

مدعوم بالذكاء الاصطناعي

البرنامج:
موضوع الحلقة:

أبو البقاء الرُّنديّ.. دمعة على أطلال الأندلس

الضيف:
_
المحاور:
إيمان العلي
الملخص
أبو البقاء الرندي، المعروف أيضًا بصالح بن يزيد الرندي، كان شاعرًا أندلسيًا بارزًا في القرن السابع الهجري. وُلد في مدينة رندة الأندلسية عام 601 هـ (1204 م)، وعُرف بلقب أبو البقاء نسبةً إلى مدينته. عاصر الرندي الفتن والاضطرابات التي شهدتها الأندلس، وشهد سقوط معظم قواعدها في يد الإسبان، مما جعله يحمل هموم وطنه في قلبه ويعبر عنها في قصائد حزينة. كانت طفولته بائسة، حيث عاش حياة مليئة بالحزن والحنين إلى الأندلس، مما أثر على كتاباته الشعرية التي كانت تعبر عن الألم والفقد.

تأثر الرندي بشدة بسقوط المدن الأندلسية مثل قرطبة وإشبيلية، وبدأ في كتابة المراثي التي أصبحت رمزًا للحزن والوجع العميق. استخدم الشعر كوسيلة للتعبير عن آلامه وأحزانه، مؤمنًا بأن الشعر يوثق الواقع ويمنحه القوة لمواجهته. قصائده كانت صرخة باسم بلاده، محذرة من نسيان الأندلس، ومؤكدة على أهمية الحفاظ على الذاكرة والهوية الأندلسية. كان يرى أن الشعر ليس للحزن فقط، بل للحياة والحب والفرح، وأن من يكتب عن الألم يجب أن يعرف الحب أولًا.

في سنواته الأخيرة، أصبح الرندي شيخًا وقورًا، قضى أيامه في الحنين إلى الأندلس، وكتب قصائد خالدة تعبر عن عشقه لوطنه. توفي عام 684 هـ عن عمر ناهز 83 عامًا، تاركًا وراءه إرثًا أدبيًا غنيًا يعكس سقوط حضارة عريقة. لم يكن الرندي مجرد شاعر عابر، بل كان شاهدًا على سقوط الأندلس وصوتًا للذين لم يجدوا من يبكيهم، مما جعل من قصائده مرآة أدبية صافية تعكس كيف يولد الشعر من رحم الرمات وكيف يصبح الحرف سلاحًا حين تسقط السيوف.
النقاط الرئيسية
- أبو البقاء الرندي هو شاعر أندلسي ولد في مدينة رندة عام 601 هـ، وعُرف بلقب "أبو الطيب" و"أبو البقاء"، وقد عاصر سقوط الأندلس وكتب قصائد حزينة تعبر عن وجعه ووجع وطنه.
- نشأ الرندي في بيئة بائسة، حيث عاش طفولة مليئة بالحزن والهموم، وكان يرى في أحلامه مدن الأندلس وهي تبكي وتنهار، مما أثر على كتاباته الشعرية التي كانت تعبر عن الألم والفقد.
- تأثر الرندي بشدة بسقوط المدن الأندلسية مثل قرطبة وإشبيليا، وبدأ في كتابة المراثي التي أصبحت رمزاً للحزن والوجع العميق، محذراً من نسيان الأندلس.
- استخدم الرندي الشعر كوسيلة للتعبير عن آلامه وأحزانه، وكان يدرك أن الشعر لا يغير الواقع لكنه يوثقه ويمنحه القوة لمواجهته، مما جعل قصائده خالدة في الذاكرة الأدبية.
- توفي أبو البقاء الرندي عام 684 هـ عن عمر ناهز 83 عاماً، بعد أن قضى حياته في الحنين للأندلس، وترك وراءه إرثاً أدبياً يعكس سقوط حضارة عريقة وصوتاً للذين لم يجدوا من يبكيهم.
أسئلة وأجوبة

ما الذي يجعلك تشعر بأنك خلقت لتكتب عن كل ما يكسر ويفقد وينسى؟

الشعور بأن الكلمات تتصارع في الرأس كأنها تريد أن تكتب لتخرج وتقال، وأنها ليست مجرد دروس بل صور ومشاهد وأحاسيس، بالإضافة إلى الإحساس بأن الحزن يولد في النفس كما تولد القصيدة من دون إذن أو موعد.

كيف يمكن أن يكون الشعر وسيلة للتعبير عن آلامك وأحزانك؟

الشعر يبقى حياً في القلوب، يوقظ الضمير ويخلد الألم، ويوثق الواقع ويمنح القوة الكافية لمواجهته، كما أن القصائد تصبح رمزاً للحزن والوجع العميق.

هل تعتقد أن الأدب يمكن أن يحفظ الأندلس ويبقيها في وجدان الأجيال القادمة؟

نعم، الأدب يمكن أن يحفظ الأندلس ويبقيها في وجدان الأجيال القادمة، لأنه يخلد الذكريات ويعيد إحياء الهوية والذاكرة.

كيف يمكن للكلمات أن تكون آخر ما تبقى لنا من وطن ضاع، لكنها قد تكون أول من يعيده؟

الكلمات تخلد وتحيي وتقاوم، فهي تبقى حتى بعد زوال الوطن من الخرائط، وتعيد إحياء الذكريات والهوية في وجدان الأجيال.

ما الذي يجعلك تشعر بأن القصيدة لا تكفي لأن الحرف يقف عاجزاً أمام الدماء؟

الشعور بأن الحرف يقف عاجزاً أمام الدماء يأتي من الإحساس بأن هناك وجع لا يروى ودمعة لا تترجم، وأن القصيدة قد لا تعبر عن كل ما في القلب من ألم وحزن.

العربي الجديد بودكاست أبو البقاء الرندي دمعة على أطلال الأندلس يا سالب القلب مني عندما رمق لم يبق حبك لي صبرا ولا رمقا لا تسأل اليوم عما كابدت كبدي ليت الفراق وليت الحب ما خلق ما باختياري ذقت الحب ثانية وإنما جارت الأقدار فاتفقا وكنت في كلفي الداعي إلى تلفي مثل الفراش أحب النار فاحترقا يا من تجلى إلى سري فصيرني دكا وهز فؤادي عندما صحقا انظر الي فإن النفس قد تلفت وارفق علي فإن الروح قد زهقا في زاوية من زوايا الماضي السحيق حيث تختلط الذكريات بالأحلام ويمتزج الحنين بصوت الناي الحزين في زمن كانت فيه الأندلس تودع مجدها وتأن من وطأة السقوط ويطوي التاريخ صفحة حضارة حزينة تتهاوى ولد صوت شعري في القرن السابع الهجري لشاعر عاصر الفتن والاترابات التي حدثت داخل وخارج بلاده الأندلس وشهد سقوط معظم القواعد الأندلسية في يد الإسبان فحمل هم الوطن في قلبه وسكبه دمعا رقراقا في قصائد حزينة بلغ لأندلس السلام وصف لها ما في من شوق وبعد مزاري وإذا مررت برندة ذات المنى والتاج والديموس واللؤزاري حيث استوت تلك المدينة معصما ولوى عليها النهر نصف سواري سلم على تلك الديار وأهلها فالقوم قومي والديار دياري هو الشاعر أبو البقاء صالح بن يزيد الرندي الأندلسي أولد شاعرنا في مدينة رندة الأندلسية عام ستمائة وواحد هجرية الموافق لعام ألف ومئتين وأربعة للميلاد لقب بأب الطيب وأب البقاء الرندي نسبة لمدينته رندة التي ولد فيها لكن أب البقاء كان اللقب الأشهر والأكثر تداولا بين العرب وهناك في مدينة رندة نشأ في بيت صغير وشب وكبر وبات شاعرا ومرآة لوجع أهله ووطنه وصوتا للمدن التي سقطت وذاكرة للأندلس حين حزنت بعد أن نسيها العالم أجمع أما في طفولته فقد عاش حياة بائسة بقلب أكبر من عمره وعينين تريان ما لا يرى وكأنهما خلقتها لتبكيا قبل أن تبكي المدن الأندلسية وكأنهما خلقتها لتبكي المدن الأندلسية وكأنهما خلقتها لتبكي المدن الأندلسية كانت الكلمات تتصارع في رأسي كأنها تريد أن تكتب لتخرج وتقال هي ليست دروس يا أما إنها صور ومشاهد وأحاسيس أرجو أن توضح قصدك يا بني أصبحت أكره النوم لأنني كلما نمت أرى في المنام مدنا تبكي بينما جدرانها تتهاوى والناس يركضون ويصرخون ما هذه الأحلام أنت ما زلت صغيرا على هذا الحزن التفت لمحاولاتك الشعرية ودع قلبك يفرح بها يا بني لا أستطيع لأنني كلما حاولت أن أكتب شيئا سعيدا تخرج الكلمات تبكي لوحدها وكأنها تعرف شيئا لا أعرفه هل ترى ما أجمل الصباح؟ شاهد الضوء الذي يغسل الجدران واستمع لصوت الحمام الشعر يا صالح ليس للحزن فقط بل للحياة والحب والفرح أعلم يا أمه لكنني أشعر أنني خلقت لأكتب عن كل ما يكسر ويفقد وينسى ربما وربما يكون هذا هو قدره لكن إياك أن تنسى أن من يكتب عن الألم عليه أن يعرف الحب أولا فالحب هو من يجعل الحزن نقيا وصادقا لا مجرد كلمات حسنا يا أمه سأحاول أن أفعل ذلك اقترب واشرب معي من هذا الشراب فهو مصنوع من أجود الزهور الأندلسية مؤكد سيهدئ قلبك ويمنحك نوما هادئا وهل الزهور تهدئ القلب يا أمه؟ أنا لا أعتقد أنها تستطيع أن تزيل حزنا مجهولا السبب الحزن يا بني لا يأتي دائما من سبب واضح أحيانا يولد فينا كما تولد القصيدة من دون إذن أو موعد أشعر بأنني أسمع أصوات لا يسمعها أحد الجدران تكلمني والريح تروي لي حكايات المدن البعيدة وهذا ما يجعل منك شاعرا يا صالح فالشاعر يرى ما لا يرى ويسمع ما لا يقال ويفهم ما يعجز الآخرون عن فهمه لكنني لا أريد أن أكون شاعرا فقط أريد أن أكون صوتا لمن لا صوت له وأن أكتب عن الذين ينسون ويكسرون ولا يرممون لأنني أشعر بأنني خلقت لأكتب لا لألعب وأجري خلف الطيور هل ترى ذلك الصندوق في تلك الزاوية فيه كتاب قديم كان لجدك ويحتوي قصائد عن الأندلس وغرناطة وقرطبة عندما تقرأه جيدا ستفهمه من أين جاء حزنك هذا؟ الأندلس يا بني ليست أرضاً فقط إنما هي حلم وهوية وذاكرة وكل من يحبها سيحمل في قلبه شيئاً من وجعها في ذلك اليوم لم يكن الرندي مجرد غلام يتحدث بل كان أكثر من ذلك بكثير لأنه استبق الأحداث وقرر أن يحمل قلبه الصغير هموم وطن بأكمله وكانت والدته أول من أنصط لقصيدة لم تكتب بعد نشأ شاعرنا فيما بعد وتعلم وأصبح من الفقهاء وحفظة الحديث وبات بارعاً في نظم الشعر ونسر الأدب كما أجاد في المتح والغزل والوصف أيضاً وفي تلك الفترة بدأت المدن العربية الأندلسية تسقط طباعاً في يد الإسبان حيث سقطت مدينة قرطبة عام 1236 ثم تبعها سقوط إشبيليا بعد أكثر من عشرة أعوان بتلك الحوادث تحقق منام شاعرنا وخوفه الدائم حيث شاهد انهيار بلاده فتأثر وحزن حزناً شديداً عليها بعد أن رآها تضيع أمام عينيه ومن وقتها بدأ بالمراثي وراح ينظم قصائد خالدة رثاءً لبلاده الأندلس موسيقى لكل شيء إذا ما تم نقصانه فلا يغر بطيب العيش إنسانه هي الأمور كما شاهدتها دول من سره زمن ساءته أزمان وهذه الدار لا تبقي على أحد ولا يدوم على حال لها شان يمزق الدهر حتماً كل سابغة إذا نبت مشرفيات وخرصان أين الملوك ذو التيجان من يمن وأين منهم أكاليل وتيجان أعندكم نبأ من أهل أندلس فقد سرى بحديث القوم ركبان وأينما شاده شداد في إرم وأينما ساسه في الفرس ساسان وأينما حازه قارون من ذهب وأين عاد وشداد وقحطان أتى على الكل أمر لا مرد له حتى قضوا فكأن القوم ما كانوا قواعد كل أركان البلاد فما عسى البقاء إذا لم تبق أركانه تمسك الرندي بالشعر والكتابة وجعلها وسيلة للتعبير عن آلامه وأحزانه لأن الشعر لا يموت ويبقى حياً في القلوب يوقض الضمير ويخلد الألم وربما كان يدرك أن الشعر غير قادر على تغيير الواقع لكنه كان متأكداً بأنه يوثقه على أقل تقدير ويمنحه القوة الكافية لمواجهته فأصبحت قصائده رمزاً للحزن والوجع العميق بعد أن صرخ فيها باسم بلاده قائلاً احذروا نسيان الأندلس أترون تلك الجبال؟ إنها تشبه جبال قرطبة لكنها لا تحمل رائحة زيتونها وأزهارها وكأن الأندلس كانت حلماً استيقظنا منه على كابوس لا ينتهي بل كانت قصيدة كتبناها بدموعنا ثم مزقها الوجات أين ولاده؟ وأين ضحكات قرطبة في ليالي الربيع؟ للأسف ضاعت كما يضيع الضوء عند غياب الشمس كلماتك كأنها نقشت على جدران القلب يا أبا البقاء لكننا لا نملك خيار الرثاء فقط علينا أن نفهم كيف وصلنا إلى هذا الانحذار وكيف سقطت قرطبة؟ ومن الذي خان إشبيليا؟ سقطنا حين تفرقنا وباع بعضنا بعضاً للأعداء وهزمنا عندما أصبحنا عبيداً للذهب في فترة باتت فيها كراسي الحكم أغلى من الكرامة بل سقطنا حين غاب العقل وصار الجهل ديناً والتعصب مذهباً بعد أن نفي الودباء وسجن الفقهاء وحرب الفكر وأنا أمالي نصيب في هذا اللوم؟ على الرغم من أنني قاتلت ولم أتقاعس بالدفاع عن بلادي وشعبي أعذرني على كلامي أيها الأمير لكنك كنت شاعراً في ثوب ملك والممالك لا تبنى بالشعر فقط لكننا لا نملك الآن إلا الشعر فوحده ما بقي لنا من وطن ضاع من بين أيدينا هل سنكتب تاريخ الأندلس من جديد؟ أم أننا سنترك بلادنا تدفن في كتب النسيان بعد أن تموت في قلوب الأجيال؟ بل سنكتب ونفكر ونعلم فربما تنهض الأندلس مرة ثانية في مكان آخر وزمان مختلف اليوم أو غداً سواء فلا نهوض لنا من دون مقاومة ولا عودة بلا قلوب تطهر ودماء تسكب كلكم على حق لكن الأندلس لم تسقط في يوماً واحد ولن تعود في يوم نحن نحتاج إلى جيل لا يخاف وذاكرة تكمن قوتها في دعاء الأمهات وحكايات الجدات التي تروى للأطفال كل يوم قبل النوم فاسأل بلنسية ما شأن مرسية؟ وأين شاطبة؟ أم أين جيان؟ وأين قرطبة دار العلوم؟ فكم من عالم سما فيها له شان؟ وأين حنص وما تحويه من نزه؟ ونهرها العذب فياض وملأن؟ بقيت الأندلس حية في جوارح الرندي وجوانحه ولم يفارقه ذكراها لحظة واحدة لأنها لم تكن أرضاً فقط بل روحاً تهيم في الوجدان ومن أجلها بقي ينظم القصائد طوال حياته بعد أن أقسم في سره بأنه لن ينسى الأندلس أبداً ما دام قلبه ينبض بالحياة مابالك يا أبا البقاء ، لم أراك بهذا الحزن من قبل ، بدت أسمع صدى صمتك ، وكأنه يصرخ في أرجاء البيت كله وكيف لا أحزن ، بعد أن رأيت قرطبة تبكي ، وغرناطة تئن ، وحضارة تسقط في أيدي من لا يعرفون قدرها الفقد عظيم ، والجراح غائرة ، أعلم ذلك ، لكن لا تدعي الحزن يسكت قلمك ، فأنت شاعر الأندلس ، وصوتها في المحن قلمي بات ارتجف ، كلما حاول أن يكتب ، كيف لي أن أصف ما رأيت ، مكتبات تحرق ، وعلماء يقتلون ، لا لا لا ، أنا لا أستطيع أن أروي قصة حضارة أضفئت أنوارها لكنك كتبت بها رثاء أبكيت به القلوب ، بكلمات أشبه بسيف يقطع ظلام اليأس بنوره لأنني كتبته من دم القلب ، لا من ميداد الحبر ، لكنني أشعر بأني لم أقل كل شيء ، هناك وجع لا يروى ودمعة لا تترجم إذن اكتب من جديد ، واجعل من حزنك جسرا تعبر به إلى قلوب الناس ، ثم دع صوتك يعلو ليبقى التاريخ شاهدا على ما حدث ربما يكون ذلك عزاء الوحيد ، أن أكتب وأصرخ بالكلمات ، لأخلد الأندلس في أبيات لا تموت أنا معك وسأكون سندك ورفيقتك في هذا الطريق ، اكتب يا صالح اكتب كي تحيي الأندلس في وجدان الأمة وهل تظنين أن الناس سيذكروننا؟ بالتأكيد سيذكرونك كما يذكر من بكى على وطنه ، لا من باعه ، وسيقرؤون أشعارك حين يبحثون عن الحقيقة وسط الرماد أحيانا أظن أن القصيدة لا تكفي لأن الحرف يقف عاجزا أمام الدماء لكن القصيدة تبقى والدم يزول ، القصيدة تخلت وتحيي وتقاوم لا أظن أن أحدا سيقرأ بعد أن زالت الأندلس من الخرائط على العكس تماما إن زالت من الخرائط فالأدب سيحفظها ويبقيها في وجدان الأجيال القادمة لكنني أخاف أن أكتب عنها بغضبي ، لا بحبي واثق واكتب عن كل شيء ، عن غضبك وحزنك وحبك وخوفك ، فكلها وجوه للأندلس نعم سأكتب ، لا عن سقوطها فقط ، بل عن عشقنا لها ، عن لياليها وعن ضحكات الأطفال في ساحاتها أحسنت يا صالح ، فالكلمات هي آخر ما تبقى لنا من وطن ضاع ، لكنها قد تكون أول من يعيده في سنواته الأخيرة أصبح الرندي شيخا وقورا وكان يحدق في الأفق البعيد باستمرار كمن ينتظر شيئا لن يعود لم يكن في قلبه إلا الأندلس ، أما صوته فكان صدا لبكاء طويل لا ينتهي قضى آخر أيامه ما بين أوراقه وأشعاره في صمت ثقيل كانت تتخلله تنهيدات تخرج من صدره وكأنها آخر ما تبقى له من الأندلس في عام 684 هجرية توفي الرندي وأسلم الروح إلى بارئها عن عمر ناهز فيه الثالثة والثمانين عاما أمضاه في الحنين لبلاده الأندلس التي أحبها كما يحب العاشق معشوقتها لم يكن الرندي شاعرا عابرا بل شاهدا على سقوط حضارة عريقة وصوتا للذين لم يجدوا من يبكيهم فصدر لنا مرآة أدبية صافية لنرى من خلالها كيف يولد الشعر من رحم الرمات وكيف يصبح الحرف سلاحا حين تسقط السيوف يغافلا وله في الدهر موعظة إن كنت في سنة فالدهر يقضان فجائع الدهر أنواع منوعة وللزمان مسرات وأحزان خلي إليه بالود الذي بيننا جعلاه إذا ماتت قبري عرضة للترحم عسى مؤمن يدنو فيدعو برحمة فإني محتاج لدعوة مسلم

تحاور مع النص

بم تفكر؟

"تنويه: المحتوى تم توليده بواسطة الذكاء الاصطناعي و قد يحتوي على أخطاء، يرجى الاستماع للبودكاست الكامل لضمان الدقة"

قد يعجبك أيضاً