مدير مصنع تسلا في ألمانيا يرى اتجاهاً إيجابياً رغم تراجع المبيعات
استمع إلى الملخص
- تواجه "تسلا" تحديات في السوق الألمانية بسبب إلغاء الدعم الحكومي، مما دفع الحكومة لتقديم حوافز جديدة لتعزيز التنقل الكهربائي، بينما يواصل المصنعون الصينيون تعزيز حضورهم.
- بدأ إنتاج مصنع "تسلا" بجرونهايده في مارس 2022 ويعمل به نحو 11 ألف موظف، لكنه يواجه انتقادات بيئية وتحديات في التوسع وسط منافسة متزايدة في السوق الأوروبية.
رغم تراجع مبيعات سيارات "تسلا" في ألمانيا، عبّر مدير مصنع الشركة الأميركية في البلاد عن تفاؤله بشأن مستقبل المصنع، مشيراً إلى أداء إيجابي في أكثر من 30 سوقاً دوليّة. وذكر مدير المصنع في منطقة جرونهايده بالقرب من العاصمة برلين، أندري تيريش، أن الشركة المتخصصة في صناعة السيارات الكهربائية تُسجّل "مؤشرات إيجابية للغاية" بالنسبة لمصنعها في جرونهايده، على الرغم من التحديات التي يفرضها الوضع العام في الأسواق، وفق وكالة "أسوشييتد برس".
وقال تيريش في تصريح لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ): "نتمتع حالياً بوضع مبيعات جيد للغاية، وقد قمنا بناءً على ذلك بتعديل خطط الإنتاج الخاصة بنا إلى الأعلى بالنسبة للربعَين الثالث والرابع من هذا العام"، وأضاف: "نتابع عن كثب تطورات السوق، ولا نزال نرى مؤشرات إيجابية في مختلف الأسواق التي نزودها بمنتجاتنا. يمتد الأمر بالطبع إلى ما هو أبعد من ألمانيا. نغطي أكثر من 30 سوقاً، ونشهد بالتأكيد اتجاهاً إيجابياً هناك".
ورغم هذا التفاؤل، لا تزال السوق الألمانية تمثل تحدياً بالنسبة لـ"تسلا"؛ فوفقاً لما أوردته الهيئة الاتحادية الألمانية للنقل البري، ورغم تسجيل زيادة كبيرة في عدد السيارات الكهربائية المُباعة في ألمانيا خلال شهر أغسطس/آب الماضي مقارنة بالعام السابق، شهدت "تسلا" انخفاضاً ملحوظاً في مبيعاتها، إذ جرى تسجيل نحو 1400 مركبة جديدة للشركة في ألمانيا، بتراجع قدره 40% مقارنة بالشهر نفسه من عام 2024. في المقابل، يواصل المصنّعون الصينيون تعزيز حضورهم في السوق الألمانية عبر طرازاتهم الكهربائية المنافسة.
وكانت مبيعات السيارات الكهربائية قد تراجعت العام الماضي في ألمانيا بعد إلغاء الدعم الحكومي المخصص لشرائها. وتعهد الائتلاف الحاكم، الذي يضمّ التحالف المسيحي والحزب الاشتراكي الديمقراطي، بتعزيز التنقل الكهربائي من خلال تقديم حوافز جديدة، مثل الحوافز الضريبية للشركات على وجه الخصوص.
وفي ظل استمرار الجدل السياسي حول مستقبل السيارات العاملة بمحركات الاحتراق، دعا تيريش الحكومة الألمانية إلى تبنّي موقف واضح يدعم الانتقال إلى السيارات الكهربائية. وفي إشارة إلى الجدل حول العدول عن الحظر المزمع فرضه على محركات الوقود الجديدة بدءاً من عام 2035 في الاتحاد الأوروبي، أعرب عن قلقه من أن تؤثر هذه المناقشات سلباً على صناعة السيارات الكهربائية في ألمانيا، محذراً من أن ذلك يهدد بتقويض الثقة في هذا القطاع.
تجدر الإشارة إلى أن الإنتاج الرسمي في مصنع "تسلا" بجرونهايده بدأ في مارس/آذار 2022. وبحسب بيانات الشركة، يعمل في المصنع نحو 11 ألف موظف. ومع ذلك، يواجه المصنع انتقادات متكررة من جماعات حماية البيئة بسبب وقوع جزء منه في محمية مائية، كما جرى تعليق خطط توسيع للمصنع، وتشمل تشييد مبانٍ إضافية ومستودعاً للشحن، نظراً لتقلبات السوق الحالية.
يأتي أداء "تسلا" في ألمانيا في وقت تشهد فيه سوق السيارات الكهربائية الأوروبية تحولات كبيرة، فمنذ إلغاء الحكومة الألمانية برامج الدعم المباشر لشراء السيارات الكهربائية نهاية العام الماضي، شهدت المبيعات تراجعاً ملحوظاً. وقد استفاد المنافسون الآسيويون، خصوصاً الصينيون، من هذه التطورات عبر طرح طرازات بأسعار أقل تناسب القوة الشرائية المتراجعة للأسر الأوروبية.
ورغم أن السوق الألمانية تُعتبر الأكبر في أوروبا، إلّا أن تشدد القوانين البيئية من جهة، وتذبذب السياسات الحكومية المتعلقة بالدعم من جهة أخرى، أوجدا حالة من عدم اليقين لدى المستهلكين والمصنّعين على حد سواء. "تسلا"، التي لطالما اعتمدت على الابتكار والريادة في هذا القطاع، تجد نفسها اليوم أمام منافسة متزايدة وتحديات محلية رغم حفاظها على حصة قوية في أكثر من 30 سوقاً عالميّة.
إصرار إدارة "تسلا" على التفاؤل بمستقبل مصنعها في جرونهايده يعكس ثقة بقدرتها على تجاوز العقبات الحالية، لكن واقع السوق الألمانية يشير إلى أن النجاح لن يكون مضموناً من دون وضوح سياسي وحوافز اقتصادية تدعم التحول نحو السيارات الكهربائية.
فبينما تمثل ألمانيا بوابة مهمة إلى السوق الأوروبية، يبقى التحدي الأساسي أمام "تسلا" هو تحقيق التوازن بين المنافسة السعرية القوية والاحتفاظ بجاذبية علامتها التجارية بوصفها مبتَكراً عالمياً. وفي ظل هذا المشهد المتقلب، يبدو أن مستقبل المصنع الألماني سيكون اختباراً حقيقياً لاستراتيجية "تسلا" في أوروبا.
(أسوشييتد برس، العربي الجديد)