خسائر الشركات تقدر بـ4.4 مليارات دولار بسبب استخدام الذكاء الاصطناعي

08 أكتوبر 2025   |  آخر تحديث: 14:42 (توقيت القدس)
الذكاء الاصطناعي في ألمانيا، هانوفر في 31 مارس 2025 (فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- أظهر استطلاع "إرنست ويونغ" أن الشركات الكبرى التي تبنت الذكاء الاصطناعي واجهت خسائر مالية أولية بسبب مشاكل الامتثال والنتائج المعيبة، مع تقدير الخسائر بنحو 4.4 مليارات دولار، لكن الشركات تظل متفائلة بتحقيق فوائد مستقبلية.

- يوضح التقرير أن تحسين الكفاءة التشغيلية يعتمد على كيفية استثمار الشركات في الذكاء الاصطناعي، حيث تتطلب التحولات الرقمية تكاليف أولية مرتفعة، مما يؤدي إلى تحديات في الامتثال والاستدامة.

- يشير الاستطلاع إلى أن الشركات التي تعتمد سياسات رقابية واضحة تحقق نتائج أفضل، مع زيادة في المبيعات بنسبة 12%، ويعتقد 70% من الرؤساء التنفيذيين أن العائد المالي سيظهر خلال ثلاث سنوات.

أجرت شركة "إرنست ويونغ" (EY) استطلاعًا نُشر اليوم الأربعاء ونقلته وكالة "رويترز"، أظهر أن الشركات الكبرى التي أدخلت الذكاء الاصطناعي في أنظمتها تكبّدت جميعها تقريبا خسائر مالية أولية، بسبب إخفاقات في الامتثال أو نتائج معيبة أو انحياز، إضافة إلى اضطرابات في تحقيق أهداف الاستدامة. وأوضح التقرير أن الأضرار المرتبطة بالسمعة أو المشاكل القانونية كانت أقل شيوعًا.

وأشارت الشركة البريطانية المتخصصة في الخدمات المهنية إلى أنها أجرت الاستطلاع بشكل مجهول بين 975 مديرًا تنفيذيًا يشرفون على تطبيقات الذكاء الاصطناعي في شركات تتجاوز مبيعاتها السنوية مليار دولار حول العالم، وذلك خلال شهري يوليو/تموز وأغسطس/آب 2025. وقدّرت EY أن الخسائر الإجمالية بلغت نحو 4.4 مليارات دولار، إذ جاءت مؤشرات مثل نمو الإيرادات وتوفير التكاليف ورضا الموظفين دون التوقعات.

ورغم ذلك، أشار التقرير إلى أن الشركات المشاركة لا تزال متفائلة بأن الاستثمار في الذكاء الاصطناعي سيؤدي على المدى المتوسط إلى فوائد كبيرة في الأداء والكفاءة. وفي هذا السياق، قال جو ديبا، الرئيس العالمي للابتكار في EY، في رسالة إلكترونية إلى وكالة رويترز إن "الذكاء الاصطناعي بالتأكيد يحسّن الكفاءة والإنتاجية، فالأشخاص ينجزون مهام أكثر وبشكل أسرع، لكن تحقيق القيمة يتأخر لأن المكاسب الناتجة يُعاد استثمارها في إنجاز المزيد من العمل، وليس بالضرورة في خفض التكاليف أو تحقيق إيرادات فورية".

وركّز الاستطلاع على ما وصفته الشركة بالذكاء الاصطناعي المسؤول، وهو مجموعة من المعايير والسياسات الداخلية التي تضمن الاستخدام الآمن والمنضبط لتقنيات الذكاء الاصطناعي. وتقيس هذه المعايير مدى قيام الشركات بوضع إرشادات واضحة للاستخدام، ومراقبة الامتثال، وإدارة المخاطر المرتبطة بالتحيز أو الخصوصية أو الأثر البيئي.

وخلصت النتائج إلى أن الشركات التي تمتلك سياسات أكثر تطورًا في مجال الذكاء الاصطناعي المسؤول حققت أداءً أقوى من غيرها، سواء من حيث نمو المبيعات أو خفض التكاليف أو ارتفاع مستوى رضا الموظفين، ما يؤكد أن التحكم في المخاطر يمثل عاملًا حاسمًا في تحويل الذكاء الاصطناعي من عبء مالي مؤقت إلى مصدر فعلي للقيمة المضافة.

بين الكفاءة الرقمية والتكاليف الخفية

بحسب EY، الفارق بين تحسن الكفاءة التشغيلية وتحقيق العائد المالي يكمن في طبيعة استثمار الشركات للذكاء الاصطناعي. فغالبًا ما تُعاد المكاسب التي تحققها هذه التقنيات إلى التوسع في الإنتاج أو تسريع المهام بدلًا من تحويلها إلى خفض مباشر في المصاريف أو زيادة في الأرباح. وقال جو ديبا، لـ"رويترز" إن "الذكاء الاصطناعي يجعل الموظفين أكثر إنتاجية، لكنه لا يغيّر فورًا بنية الإيرادات".

والتحول الرقمي نحو الأنظمة الذكية يحمل في طياته تكاليف أولية مرتفعة لناحية بناء بنى تحتية ضخمة لمعالجة البيانات، توظيف فرق حوكمة ومراجعة قانونية، تدريب الموظفين على أدوات جديدة، وتصحيح الأخطاء والانحيازات الناتجة عن النماذج. وتُشير بيانات EY إلى أن نحو 57% من الشركات واجهت مشاكل في الامتثال، و55% في الاستدامة البيئية، و53% في التحيز، هذه التحديات تمثل ما يُعرف بتكاليف النضج التقني التي تُعدّ ضرورية في المرحلة الأولى لتثبيت أنظمة الذكاء الاصطناعي.

ورغم أن التقرير وصف الأضرار القانونية والسمعية بأنها "أقل شيوعًا"، إلا أن تكلفتها عند وقوعها تكون فادحة. ففي بعض الحالات، أدت قرارات خاطئة ناتجة عن نماذج ذكاء اصطناعي إلى قرارات توظيف أو تقييم منحازة، ما دفع بعض الشركات إلى تحمل دعاوى قضائية أو مراجعات تنظيمية، وفقاً لوكالة رويترز.

فجوة الذكاء الاصطناعي المسؤول

الاستطلاع يوضح أن الشركات التي تعتمد سياسات رقابية واضحة للذكاء الاصطناعي تحقق نتائج أفضل. ويشمل ذلك، إصدار إرشادات مكتوبة للاستخدام، تأسيس لجان داخلية للرقابة على المخاطر الرقمية، ومراجعة دورية للخوارزميات لتفادي التحيزات. وقد بيّن تقرير EY أن الشركات التي طبقت هذه السياسات حققت زيادة بنحو 12% في المبيعات مقارنة بالشركات التي لم تعتمدها، وفقاً للشركة.

وتستهلك خوارزميات الذكاء الاصطناعي، خصوصًا النماذج الكبرى، كميات هائلة من الطاقة، ما يؤثر على أهداف الشركات المناخية. وأشار التقرير إلى أن بعض المؤسسات اضطرت إلى إعادة النظر في خططها البيئية بعد ارتفاع استهلاك الطاقة الناتج عن تدريب النماذج وتحليل البيانات الضخمة.

ورغم الخسائر الأولية، فإن الشركات الكبرى، خصوصًا في قطاعات التمويل والطاقة والصناعة، ما زالت تراهن على الذكاء الاصطناعي كأداة لتحسين الكفاءة طويلة الأمد. ويؤكد التقرير أن 70%  من الرؤساء التنفيذيين المشاركين يعتقدون أن العائد المالي الحقيقي سيبدأ بالظهور خلال الثلاث سنوات المقبلة، بعد أن تنضج البنى الرقمية وأنظمة الامتثال لديهم.

يظهر من تحليل تقرير EY أن الخسائر المسجلة ليست دليل فشل، بل مرحلة انتقالية طبيعية في مسار التبني التقني. فمعظم الشركات تمرّ بما يشبه تكاليف التعلم قبل أن تتمكن من تحويل الكفاءة الرقمية إلى أرباح مالية حقيقية. والرسالة الأهم التي يوجّهها التقرير إلى الشركات هي أن حوكمة الذكاء الاصطناعي، أي وضع السياسات والإرشادات والرقابة الدقيقة، هي المفتاح لتحويل الخسائر المؤقتة إلى استثمار ناجح على المدى الطويل.

المساهمون