المنصوري الإدريسي.. فن ضد سيولة الزمن

04 نوفمبر 2025   |  آخر تحديث: 05:06 (توقيت القدس)
من المعرض (العربي الجديد)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- في تجربة الفنان المغربي محمد المنصوري الإدريسي، يشغل اللون دورًا مركزيًا كوسيلة للتعبير عن الانفعالات والبحث الروحي، كما يظهر في معرض "الزمن المنفلت" الذي يختتم اليوم في الرباط، حيث تتوزع خمسون لوحة تعكس التجربة الإنسانية بين الحضور والغياب.

- يعتمد الفنان على تدرجات لونية تمنح شعورًا بالسكينة والأمل، مع انسياب الأشكال وخفة الخطوط، مما يخلق موسيقى بصرية تدعو للتأمل في الزمن وتجليات الوعي.

- تمثل أعمال المنصوري الإدريسي دعوة لإعادة النظر في العلاقة بالزمن والحياة، حيث يصبح الفن مسعى لاكتشاف المعنى وسط الحركة المستمرة، مع التركيز على البعد الصوفي والجمالي.

اللون في تجربة الفنان التشكيلي المغربي، محمد المنصوري الإدريسي، يشغل موقعاً مركزياً؛ فهو وسيلة للتعبير عن الانفعالات الداخلية والبحث الروحي، كما يعكسه معرض "الزمن المنفلت" الذي يُختتم اليوم الثلاثاء، في قاعة باب الرواح بالرباط. 

تتوزّع خمسون لوحة في المكان، تتحرك فيها الأجساد بلا ملامح محددة، مندمجة في نسيج لوني كثيف، كما يظهر في لوحات "اللحظة تتذكّر"، و"شكل العبور"، و"الظلّ يفكّر في النور"، وتتحول هذه الأجساد إلى علامات وجودية تمثل التجربة الإنسانية في تنقلها بين الحضور والغياب، بين النور والظل وبين الانسياب والتوقّف.

الحركة هنا أبعد من مجرد موضوع بصري، إنها بحث فلسفي في جوهر الإنسان وعلاقته بالزمن المستمر. تدرجات البنفسجي والأزرق تمنح شعوراً بالسكينة والعمق، بينما الأصفر والذهبي يفتحان منافذ نحو الأمل والضياء، كما في "أول ألوان العالم" و"يقظة الضوء".

يصبح اللون في اللوحة أداة للتطهر، والخطّ طريقاً للكشف

هذا التداخل اللوني، مع انسياب الأشكال وخفّة الخطوط، يخلق موسيقى بصرية تجعل المتلقي يختبر لحظة الوجد، ويغوص في تأمل الزمن المنفلت وتجليات الوعي.

من الناحية التكوينية، يعتمد الفنان المغربي على إيقاع داخلي متوازن بين الكثافة والشفافية، وبين الامتداد والانكماش، حيث تنساب الأشكال كما لو أنها تولد من ضوء خفي، مما يمنح اللوحة بعداً روحانياً ويحرّرها من قيود المادة.

من المعرض  (العربي الجديد)
من المعرض (العربي الجديد)

في لوحات مثل "ما يكشفه الصمت" و"الموسيقى الداخلية" و"شكل العبور"، تتجلى قدرة الفنان على تحويل التجريد التعبيري إلى مسار نحو السمو الروحي والجمالي. 

وفي حديث لـ"العربي الجديد"، يقول المنصوري الإدريسي "اللحظة التي أعتبرها زمناً منفلتاً هي تلك التي يفلت فيها الزمن من إدراكنا المعتاد، حيث لا نجد أنفسنا قادرين على الإمساك باللحظة. مشروعي الفني يخلق مساحة للوعي داخل الانسياب المستمر، ويحوّل الفوضى إلى معنى، والاضطراب إلى جمال. الفن بالنسبة إليّ فن استخراج النظام من قلب الاضطراب، وخلق لحظة وعي وسط سيل الزمن المنفلت".

تحمل الأعمال نزعة إنسانية واضحة، فهي لا تتحدث عن فرد بعينه، وإنما عن الكائن الإنساني في شموليته، عن الباحث عن التلاقي والتسامح والتسامي، وعن العلاقة بين الذات والآخر والمحيط.

تتجلى فلسفة الفنان المنصوري الإدريسي في المزج بين البعد الصوفي والتجربة الجمالية، حيث يصير اللون أداة للتطهر، والخط طريقاً للكشف، وتتجلى المساحة البصرية مرآة للوعي.

تمثل تجربة محمد المنصوري الإدريسي دعوة للمتلقي إلى إعادة النظر في علاقته بالزمن وبالحياة، واعتبار الفن مسعى لاكتشاف المعنى وسط الحركة المستمرة، ما تشير إليه العناوين الرمزية للوحات مثل: "اللامتناهي يتذكرنا"، و"الأبدية المعلقة"، و"ما يفلت يبقى"، و"البريق الداخلي"، و"حضور الفراغ"، و"وضوح الشك"، و"غبار اللحظات"، وتتشكل لحظة الوعي الجمالي التي يسعى الفنان إلى بلوغها؛ لحظة يلتقي فيها الجسد بالزمن في حركة مستمرة من الكشف والتجاوز.

المساهمون